نشأة اليهود بتونس
شكل اليهود في تونس جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي التونسي، حيث جاء اليهود الى تونس قبل أكثر من ألفي عام وقاموا بتأسيس اول مستوطنة خاصة بهم بجزيرة جربة، اين تعايشوا مع باقي سكان الجزيرة بانسجام وأمان، ويقول الباحث في التراث اليهودي برنارد علالي إن تاريخ وُجود اليهود في تونس يعود للقرن الثاني بعد الميلاد، بينما تؤكد الباحثة المختصة في التاريخ اليهودي كلير روبنشاتين أن حضور اليهود بدأ مع نشأة تونس. وقد أعقب ذلك هجرة يهود الاندلس الذين طُردوا مع الموريسكيين من إسبانيا في عام 1609 ميلادية وجاؤوا ليستقروا في تستور التي تمّ تأسيسها على موقع روماني يدعى «تشيلا» والواقعة في شمال شرق تونس وقد حافظ المكان الذي اقام فيه اليهود بتستور على تسميته «حارة اليهود» الى اليوم.
وفي القرن الـ17 شهدت تونس موجات جديدة من المهاجرين اليهود القادمين تحديدا من مدينة ليفورنو الإيطالية، ويطلق عليهم “الغرانا”؛ أي يهود غرناطة لأنهم قبل وجودهم فيه إيطاليا كانوا في مدينة غرناطة بالأندلس. وقد تميز يهود الغرانا عن اليهود التونسيين بموجب اتفاق مع الحاكم العثماني لتونس آنذاك، وكانت لهم حماية فرنسية ولديهم ثروة مالية كبيرة، فأحدث ذلك شرخا اجتماعيا بينهم وبين يهود تونس الذين كانوا يعانون من الفقر ويعملون في المهن الشاقة.
وقد عاش يهود الغرانا في تونس ثورة ثقافية، ففتحوا مدارس خاصة تُعلم العبرية وتتبع المناهج التعليمية الأوروبية. وأول من قام بهذه التجربة الدبلوماسي ورجل الأعمال اليهودي الغراني جياكومو دي كاستلنيو فو. وقد أقبل مجتمع الغرانا على هذه المدارس وتتلمذوا فيها، لكن يهود جربة لم يستجيبوا لندائها لأنها لا تحترم الخصوصية الثقافية التي كانت تميز اليهود التونسيين عن غيرهم من الوافدين الجدد.
- شكل اليهود في تونس جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي التونسي، حيث جاء اليهود الى تونس قبل أكثر من ألفي عام وقاموا بتأسيس اول مستوطنة خاصة بهم بجزيرة جربة.
يهود جرية
يعتبر المجتمع اليهودي التونسي أحد أكبر المجتمعات اليهودية في المنطقة العربية رغم أن عددهم تراجع بشكل كبير على مر السنين. وبحسب التقديرات المعلن عنها، يتراوح عدد اليهود في البلاد حالياً بين 1500 وألفي شخص، بينما كانوا نحو مئة ألف قبل استقلال تونس عن فرنسا عام 1956. ويعيش غالبيتهم في جزيرة جربة الواقعة في الجنوب الشرقي لتونس، التي تحتوي على 11 معبداً يهودياً في حارتين تسميان “الحارة الكبيرة” و”الحارة الصغيرة” من بين أكثر من 20 معبدا ومقاما دينيا متواجدين في كامل تراب البلاد، حيث توجد بعض البيوت اليهودية التي تتميز غالبيتها بالكتابة العبرية على جدرانها.
وعندما وصل اليهود لجزيرة جربة بنوا معبد الغريبة وهو أول معابدهم في أفريقيا والذي يعتقد انه تم تشييده قبل نحو 2500 عام. ويعتبر معبد الغريبة شاهدا حيا على وجودهم، وذلك لأنه أحد أهم المواقع الدينية اليهودية في العالم، وما بحعل منه مميزا عن باقي المعابد اليهودية في العالم هو طابعه المعماري التونسي التقليدي، وزخارفه الذهبية والزرقاء التي تغطي جدرانه. ويوجد به نسخة نادرة من التوراة. والى اليوم يزوره سنويا آلاف الزوار والسياح اليهود لأداء مناسك الحج والمشاركة في تابوت العهد. وينظّم الحج السنوي (حج الغريبة) في اليوم الثالث والثلاثين من عيد الفصح اليهودي، ويعدّ من أقدم تقاليد اليهود التونسيين.
عندما وصل اليهود لجزيرة جربة بنوا معبد الغريبة وهو أول معابدهم في أفريقيا والذي يعتقد انه تم تشييده قبل نحو 2500 عام. ويعتبر معبد الغريبة شاهدا حيا على وجودهم، وذلك لأنه أحد أهم المواقع الدينية اليهودية في العالم.
الإرث اليهودي اللاّمادي
اشتهر اليهود في تونس بالمأكولات والأطباق، ويقول الدكتور المختص في التراث اللاّمادي عماد صولة: “تسرب التراث اللاّمادي اليهودي إلى العادات التونسية، خاصة داخل المطبخ، وكان لليهود مطاعم شعبية ببعض أزقّة وأنهج مدينة تونس العتيقة وحلق الوادي، تقدم أطباقاً ومأكولات متنوعة من عمق التراث اليهودي”.
وحتى عقب رحيل أعداد كبيرة من اليهود، بقي أثرهم حيّاً داخل المجتمع التونسي، على غرار الفن اليهودي والمالوف وأغاني حبيبة مسيكة والشيخ العفريت وغيرهما كثر، ولا زالت أطباقهم الغذائية تُطهى في كل بيت. إضافة إلى التراث، يقول د. صولة: “كان لليهود أيضاً أولياء ومقامات على غرار مقام الربّي فرايجي بجهة تستور، وكان يُزار من اليهود ومن العرب المسلمين معاً، وكان هناك أيضاً مقام لولي يهودي اسمه الربي جوزيف بجهة حامة قابس.
بينما يؤكد الدكتور فوزي البدوي إلى أنه كان لتونس خلال القرون الوسطى أكبر مركز لليهودية، ليس في شمال أفريقيا وحسب وإنما في العالم اليهودي برمته، وأشار إلى أن يهود العراق ومصر كانوا يطلبون الفتاوى في مسائل دينية من يهود القيروان، مذكّراً أنه بعد الغزو الهلالي لم يعد هناك يهود بعاصمة الأغالبة.
عقب رحيل أعداد كبيرة من اليهود، بقي أثرهم حيّاً داخل المجتمع التونسي، على غرار الفن اليهودي والمالوف وأغاني حبيبة مسيكة والشيخ العفريت وغيرهما كثر.
شكل اليهود في تونس جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي التونسي، حيث جاء اليهود الى تونس قبل أكثر من ألفي عام وقاموا بتأسيس اول مستوطنة خاصة بهم بجزيرة جربة، اين تعايشوا مع باقي سكان الجزيرة بانسجام وأمان، ويقول الباحث في التراث اليهودي برنارد علالي إن تاريخ وُجود اليهود في تونس يعود للقرن الثاني بعد الميلاد، بينما تؤكد الباحثة المختصة في التاريخ اليهودي كلير روبنشاتين أن حضور اليهود بدأ مع نشأة تونس. وقد أعقب ذلك هجرة يهود الاندلس الذين طُردوا مع الموريسكيين من إسبانيا في عام 1609 ميلادية وجاؤوا ليستقروا في تستور التي تمّ تأسيسها على موقع روماني يدعى «تشيلا» والواقعة في شمال شرق تونس وقد حافظ المكان الذي اقام فيه اليهود بتستور على تسميته «حارة اليهود» الى اليوم.
وفي القرن الـ17 شهدت تونس موجات جديدة من المهاجرين اليهود القادمين تحديدا من مدينة ليفورنو الإيطالية، ويطلق عليهم “الغرانا”؛ أي يهود غرناطة لأنهم قبل وجودهم فيه إيطاليا كانوا في مدينة غرناطة بالأندلس. وقد تميز يهود الغرانا عن اليهود التونسيين بموجب اتفاق مع الحاكم العثماني لتونس آنذاك، وكانت لهم حماية فرنسية ولديهم ثروة مالية كبيرة، فأحدث ذلك شرخا اجتماعيا بينهم وبين يهود تونس الذين كانوا يعانون من الفقر ويعملون في المهن الشاقة.
وقد عاش يهود الغرانا في تونس ثورة ثقافية، ففتحوا مدارس خاصة تُعلم العبرية وتتبع المناهج التعليمية الأوروبية. وأول من قام بهذه التجربة الدبلوماسي ورجل الأعمال اليهودي الغراني جياكومو دي كاستلنيو فو. وقد أقبل مجتمع الغرانا على هذه المدارس وتتلمذوا فيها، لكن يهود جربة لم يستجيبوا لندائها لأنها لا تحترم الخصوصية الثقافية التي كانت تميز اليهود التونسيين عن غيرهم من الوافدين الجدد.